عبر التاريخ و على مدار الزمان ظهر رجال صنعوا التاريخ و كتبوا حروف أسمائهم بحروف من نور ، ليذكر لهم التاريخ ما قاموا به من أعمال عظيمة و تظل البشرية تذكرهم حتي نهاية الخليقة ، و من أشهر هؤلاء العظماء الملك مينا موحد القطرين و مؤسس مصر الفرعونية.
الملك مينا
إنه مؤسس الأسرة الفرعونية الأولى وصاحب الفضل الأول فى نشأة و توحيد مصر الفرعونية حيث استطاع أن يوحد مملكة الشمال و مملكة الجنوب فى عام 3200 ق.م و لهذا لقب ب" ملك الارضين ، صاحب التاجين ، نسر الجنوب و ثعبان الشمال " ، عقب هذا التوحيد أصبح مؤسس أول أسرة حاكمة في تاريخ مصر الفرعونية ، بل فى تاريخ العالم أجمع .
يُعرف الملك مينا فى بعض الكتابات القديمة بأسم مينى الذي يعنى البناء أو التشييد قبل أن يُحرف المصريون أسمه إلى مينا ، و لهذه الشخصية جدل كبير عند علماء المصريات حيث أن البعض ينسبه إلى الفرعون حور عحا و البعض الأخر ينسبه إلي الفرعون نارمر .
حكم مينا البلاد لمدة 62 عاماً ، وحارب فيهم أعداء البلاد و كان شديد الحفاظ على وحدة البلاد وتماسكها شمالها و جنوبها ، فكان يحافظ الملك مينا على بلاده من ضربات النوبيين والليبيين ، وقد نال حب شعبه لأنهم كانوا يعتبرونه بطلاً و شجاعاً يحافظ عليهم و على حدود البلاد ، كما أنه عمل على حفظ الأمن والاستقرار داخل البلاد .
أعمال الملك مينا
1- كان الملك أول فرعون نجح في توحيد الأراضى المصرية تحت قيادته و اطلق على عاصمة دولته منف .
2- من
الملوك الذين قاموا بالاهتمام بنهر النيل حيث أقام العديد من الطرق و عمل على إقامة الجسور على النيل كما قام بإغلاق فرع النيل الذى كان سبباً في حدوث
الفيضانات لكى يسهل حركة النقل و الملاحة في النيل .
3- أنشأ المعبد المشهور ب (هيرودوت).
4- اهتم موحد
القطرين بالتجارة و التواصل الحضارى حيث يظهر أسم نعرمر على قطع خزفية فى الدلتا و
فى بلاد الشام ؛ و ذلك دليل على التواصل الحضارى ، كما ساعد النشاط الزراعى و
التعدين فى جنوب مصر بالإضافة إلى طرق التجارة المهمه إلي تكوين إمبراطورية عظيمة
.
5- أسس مدينة ممفيس التى تقع شمال مدينة تينيس و التى كانت مكان للسلطة فى الوجه البحري .
توحيد القطرين
لم يكن توحيد البلاد و تأسيس الدولة المصرية بالأمر السهل ، فقد كان هناك محاولات عديدة قبل عام 3400 قبل الميلاد لتوحيد مصر ، و أخيراً تمت الوحدة الأولى فى التاريخ بين أقاليم مصر المتفرقة فى دولة واحدة لجمع شمل البلاد تحت زعامة واحدة تترأسها حكومة مركزية واحدة ، لقد مرت هذه الوحدة بعدة مراحل.
كانت مصر تنقسم إلي مملكتين إحداهما فى الشمال و كان يحكمها حاكم ظالم و الأخرى فى الجنوب كانت تابعة لحكم مينا وكان قوياً محباً لشعبه يكره الظلم ، فكر الملك مينا فى ضم مملكة الشمال لحكمه ، و كان لا يشك لحظه فى قوة جيشه و عزيمتهم و بسالة جنوده و لكنه كان خائفاً من أن يهزم كما حدث مع جده حينما حاول توحيد البلاد حيث أنتصر في بعض المواقع وهزم فى البعض الآخر و مات قبل أن يسيطر علي الدلتا بالكامل.
عزم الملك مينا على النصر فقام بتدريب صارم للجيش وتأمين الزخائر و السلاح وتسليح الجيش بالكامل فأنتظمت صفوفه حاملين الأعلام ضاربين طبول الحرب ، تحرك مينا على رأس جيشه و أمرهم بالانقسام إلي مجموعتين ركبت إحداهما النيل و الأخري تسير بمحاذاتهم علي جانب النيل ، و علي الصعيد الآخر كان يستعد جيش الشمال لمقابلة نسر الجنوب .
عندما ألتقي
الجيشين أنزل جنود مينا الرعب فى صفوف الأعداء بشجاعتهم ، و شق مينا طريقه إلي قائدهم و سدد ضربة
أسقطت سلاحه فركع يطلب الرحمة من مينا فسدد له ضربة قضت عليه فوقع جيش الشمال.
أعقب هذا النصر تطوراً هائلاً فى تاريخ الحضارة المصرية وتغيُراً ملحوظاً لمبادئ الحكومة المصرية .
ما بعد توحيد البلاد
كان الملك
مينا حاد الذكاء فبعد توحيد مصر كان يذهب إلى القرى ويستمع لمطالب الشعب بنفسه و
بذلك كسب حب الشعب و كان مرحب به فى كل مكان يذهب إليه .
فكر مينا فى أختيار منطقة تتوسط مملكة الشمال و مملكة الجنوب ليتمكن من خلالها أن يحكم مصر فقام بإنشاء قلعة ضخمة و بنى حولها سور أبيض و أطلق عليها اسم (من- نفر) و هى كلمة تعنى الميناء الجميل أو البناء الابيض ، و كانت القلعة هى عاصمة مصر القديمة ثم غير اسمها الإغريق بعد ذلك إلى منفيس ثم بعد الفتح الإسلامى أطلق عليها العرب منف .
وفاة الملك مينا
فى إحدى زياراته لمدينة منف انتهز الملك مينا الفرصة لقضاء بعض الوقت فى ممارسة هواياته المفضلة لصيد الطيور والحيوانات ، وفى أحد الأيام اصطحب الملك بعض حرسه و مجموعة من أصدقائه المقربين وذهب للصيد.
وأثناء انشغالهم فى الصيد كان الملك مينا يبتعد عن رفاقه وأصبح وحيداً وهو يتبع أحد أفراس البحر المفترسة، وكان قوياً شجاعاً رغم كبر سنة فأخذ يقترب من الفريسة وفى يده رمحه محاولاً قتلها بضربة واحدة ، فهجم عليه الفرس وقتله وفى هذه اللحظة صرخ الملك صرخة مروعة فسمعها الحرس ، فأسرعوا يبحثون عن مكانه ووصلوا للملك، ولكن بعد فوات الأوان ولكنهم قاموا بقتل فرس البحر، وتم نقل جثة الملك إلى قصره فى منف و قام الكهنة بتحنيط الجثة ، ثم وضعوا الجثة فى تابوت حجرى ونقلوه فى احتفال عظيم إلى إحدى السفن الراسية فى الميناء التى أنطلقت به إلى عاصمة الملك فى الجنوب ،و أوصلت الجثة إلى المعبد.
اجتمع الشعب لتوديع الملك المحبوب، ثم نقلو الجثة فى تابوت حجرى إلى العاصمة "أبيدوس"، حيث وضعت فى القبر الذى جهزه الملك لنفسه.
تعليقات
إرسال تعليق